Skip to main content

المكتبة الوطنية الفلسطينية، دعوة للتنفيذ العاجل

فتحي البس

 عندما أصدر الرئيس محمود عباس مرسوم رقم 6 لسنة 2019، بإنشاء المكتبة الوطنية الفلسطينية تأكيدا على مرسوم رقم 4 لسنة 2017، وتخصيص قصر الضيافة ليكون مقرا لها، وتعيين إيهاب بسيسو رئيسا لها واعتمد سيادته مجلسها الإداري، شعر كل الفلسطينيين بالابتهاج وبالأخص المعنيون بالثقافة والذاكرة والأرشفة وتوثيق تاريخ فلسطين الصحيح والباحثون وطلبة الدراسات العليا، حيث من المفروض أن تكون المكتبة الوطنية الفلسطينية حاضنة لكل ما يتعلق بفلسطين قديما وحديثا.

 استلم الصديق عيسى قراقع رئاستها في شهر آب 2021، والمعروف بجديته وإخلاصه بالعمل، محبوب منا جميعا، وجرى الاستلام والتسليم بينه وبين الرئيس السابق وقال في تصريح له لصحيفة القدس آنذاك: قرار تأسيس المكتبة الوطنية خطوة استراتيجية في مواجهة الرواية الصهيونية ولها أهمية استراتيجية كبرى، وهي جزء من السيادة الوطنية كونها تحمل في طياتها كل المعالم الحضارية والثقافية والروائية الفلسطينية ومكونا أساسيا للرد على الرواية الصهيونية التوراتية المزيفة التي تدعي أن هذه الأرض لليهود، واعتبر أن المكتبة تمثل أحد مكونات صمود شعبنا العربي الفلسطيني على هذه الأرض". 

وأضاف: "إنني أعتبر قرار تأسيسها يشكل انطلاقة ثالثة لشعبنا فكانت الأولى عام 1965 عندما انطلقت الثورة الفلسطينية وكانت الثانية معركة الكرامة الخالدة عام 1968، وجاء تشكيل المكتبة الوطنية كانطلاقة ثالثة للوجود الفلسطيني وبقائه على هذه الأرض". صدق قراقع فيما قال، وعكس تصريحه وعيا بأهمية المكتبة الوطنية، والتي كان يجب أن تنشأ فور إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، بالتزامن مع الوزارات والأجهزة كافة، ويرصد لها ما تحتاج من ميزانيات، وتختار لها الكوادر المهنية ويُرسل للتدريب إلى كل العالم الخبراء الذين لو تم ذلك، لكان الانتقال إلى تنفيذ مرسوم الرئيس سهلا وسلسا وسريعا. وبصراحة مطلقة، هناك خشية حقيقية أن تراوح الأمور مكانها في ظل أقاويل عن صراع بين جهات عدة تريد إلغاء تخصيص قصر الثقافة للمكتبة الوطنية، ونقله إلى جهات أخرى. 

هي أقاويل لو صحَّت، فإنها قد تعني إلغاء المشروع أو تأجيل التنفيذ إلى أجل غير مسمى، وهذا يعني عدم القناعة بأهمية المشروع الحلم، فذاكرتنا ووثائقنا وأرشيفنا مبعثر، وللأسف إن احتاج باحث لرصد جانب من روايتنا يضطر إلى السفر إلى عواصم كثيرة، إن لم يشأ الذهاب إلى مكتبة الجامعة العبرية أو المكتبة الوطنية الإسرائيلية حيث تقبع كتبنا ووثائقنا المسروقة. ما يزيد الخشية والخوف أنه لم يتم دحض هذه الأقاويل، ولم نسمع عن أي اجتماعات لمجلس الإدارة ولا عن مكان عمل رئيس المكتبة الوطنية ومساعديه إن تم له ذلك، ولا عن خطط الإنشاء التي تعثر تنفيذها لسنتين ربما بسبب الكورونا أو نقص الميزانيات. أتمنى أن تتسارع خطوات إنشاء المكتبة الوطنية، فمهماتها كثيرة ومتنوعة وربما أولها بدء إصدار الأرقام المعيارية الدولية للمنتجات الثقافية الفلسطينية وعلى رأسها الكتب والدوريات، نبدأ من الحاضر ونعود للماضي حتى تجتمع ذاكرتنا في مكان واحد. الرئيس الكاتب محمود عباس يدرك أهميتها وإلا ما كان قد أصدر مرسوم إنشائها، ورئيسها يحتاج إلى مساعدين يؤمنون بالمشروع وخبراء في جوانب كثيرة فيه، ولا يجوز أن يركن إلى الزمن، فذاكرتنا، تحتاج إلى الزمن، إلى كل دقيقة منه.