
رام الله- المكتبة الوطنيّة: بمناسبة الذّكرى الـ74 للنّكبة أصدرت المكتبة الوطنية الفلسطينيّة تقريراّ قالت فيه أن الاحتلال الصّهيوني لم يكتف بارتكاب المذابح وبتهجير السّكان الفلسطينيين وتدمير قراهم ومدنهم عام 1948 وإنما مارس سياسة التّطهير الثّقافي بحقّ الممتلكات الفكريّة والثّقافية والتّراثيّة للشّعب الفلسطينيّ، وقام بنهبها وسرقتها وإتلافها وحرقها واحتجازها في الأرشيفات العسكريّة الإسرائيليّة أو المكتبة الوطنيّة الإسرائيليّة، وأن العصابات الصّهيونية حرقت البشر وحرقت الكتب، وارتكبت إبادة جماعيّة للممتلكات الثّقافيّة الفلسطينيّة. وأوضحت المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة أنّ العصابات الصّهيونية نهبت الكنوز الثّقافيّة الحضاريّة والإنسانيّة للشّعب الفلسطينيّ خلال النّكبة، وصادرت الآلاف المؤلّفة من الكتب والتّحف التّراثيّة من بيوت الفلسطينيّين ومن المدارس والمكتبات العامّة والخاصّة، ومن المساجد والكنائس ومن دور الكتب ومراكز التّراث والأرشفة ودور السّينما ومحلات التّصوير مما شكّل أكبر عمليّة إبادة وحشيّة ثقافيّة وإنسانيّة استهدفت التّراث الثّقافي الفلسطيني، وأن ذلك جرى بشكل ممأسس وممنهج وتعليمات من قيادات الحكومة الإسرائيليّة. وأشارت إلى أنّ الاحتلال الصّهيوني يمارس عمليّة نهب وإخفاء لكلّ ما يتعلّق بدحض الرّواية الصّهيونيّة ويكشف جرائمها الّتي ارتكبت في فلسطين، وأن الكنوز الثّقافية المنهوبة تخضع لعمليّة رقابة وتقييد وتحوير وتشويه وإنتاج معرفة بديلة تخدم الرّواية الصّهيونية الاستعماريّة. ولفتت المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة إلى أنّ المكتبة الإسرائيلية تضمّ اليوم مئات الآلاف من الكتب النّفيسة والوثائق والمخطوطات الّتي سرقها الاحتلال بشكل منظّم على مدار سنوات الاحتلال، وتعرضها للجمهور العربيّ على أنّها من ضمن مقتنياتها ومن المراجع والمصادر الّتي توفّرها للباحثين والمطّلعين. وقال رئيس المكتبة الوطنيّة عيسى قراقع أنّ ذكرى النّكبة تأتي في هذا العام في ظلّ تصاعد المواجهة بين الشّعب الفلسطينيّ والاحتلال الإسرائيليّ، وبموازاة مواجهة فعليّة للمشروع الصّهيوني الاستعماري المبنيّ على سياسة "المحو والإنشاء"، والقائمة على الإحلال اليهودي على الأرض الفلسطينيّة بعد محو الشّعب الأصلاني، والاستيلاء على أرضه وتاريخه وذاكرته، وممارسة "المحو الثّقافي" الذي لطالما نظرت إليه الحركة الصّهيونيّة على أنّه الأساس للمحو المكانيّ ولإقامة دولة الاحتلال على الجغرافيا الفلسطينيّة. وأضاف قراقع أنّ الإنتاج والتّراث الفكري والثّقافي الفلسطيني جزء أصيل من الإنتاج الإنساني، وهو حيّ يسهم في التطوّر الحضاري العالمي، ويستحقّ رعاية خاصّة وحماية دولية فعّالة، وأنّ حماية التّراث الثّقافي للشّعوب حماية للهويّة الإنسانيّة، مطالباً المجتمع الدّولي بضرورة توفير الحماية للتّراث الثّقافي الفلسطيني الموجود، وإعادة المسلوب منه، انطلاقاً من مبدأ ملكية الممتلكات والأعيان الثّقافية للإنسانيّة جمعاء، وأنّ الاعتداء عليها يشكّل اعتداءً على كلّ شعوب العالم. وأوضح أنّ إنشاء المكتبة الوطنيّة الفلسطينيّة هو امتداد لجميع المحاولات الفردية والرّسمية والحركية الرّامية إلى حفظ التّراث الفلسطينيّ بكلّ مكوّناته منذ الأزل، ولا سيما منذ الاحتلال الإسرائيلي، ولبناء سرديّة السّيرة الفلسطينية، وتوثيق نضالات الشّعب الفلسطيني وصون ذاكرته، وتعزيز الرّواية المضادّة لرواية الاحتلال. وبيّن أن التّطهير العرقيّ الصّهيونيّ لم يتمّ في الحيّز الجغرافيّ فحسب، بل أيضاً في حيّزيّ الوعي والذّاكرة من خلال قيام المحتلّين بإنتاج روايات تخدم أهدافهم بواسطة منظومات محو وإخفاء وسيطرة. ودعا قراقع إلى أهمّية تحرير الكنوز الثّقافيّة المنهوبة من قبضة المحتلّين وإعادتها إلى الشّعب الفلسطينيّ وتوفير الحماية للمتلكات الثّقافيّة من سطو الاحتلال المستمرّ وفق القانون الدولي الذي حظر استهداف الممتلكات الثّقافية خلال الحروب والنّزاعات المسلّحة وفقاً لاتفاقيّة لاهاي عام 1954، والتي اعتبرت الاعتداء على الممتلكات الثّقافية جريمة ضدّ الإنسانيّة. وقال قراقع أنّ نقل واحتجاز ومصادرة الممتلكات الثّقافيّة الفلسطينيّة وإتلافها بشتّى أشكالها المكتوبة والمرئيّة تعتبر انتهاكاً جسيماً وجريمة حرب، وأنه يجب فتح هذا الملفّ على المستوى الدّولي والقانونيّ.